رسالة إلى الإمام الشهيد حسن البنا
الدكتور جابر قميحة -
Komeha@menanet.net 2009-02-09
(نظمها الشاعر بمناسب ذكرى استشهاده في 12 \ 2 \ 1949 وألقاها في حفل إفطار الإخوان المسلمين بالقاهرة مساء الأربعاء 11 رمضان 1427هـ)..( 4 من أكتوبر 2006 ) .
***************************************
يـا إمامي الشهيدَ هـاكَ بياني = عـاجزَ الخطوِ، نازفَ الوجدانِ
صاغ من مهجتي رسالةَ صدقٍ = ووجـودي ذَوَى وعمـْرِيَ فاني
قلمي مـن أسًى، وقلبي مدادي = نـاطـقٌ بـالإبـاءِ والإيمـان
وحـروفي أُلْهِمْتُها من رُؤاكم = زاكـيـاتٍ عـطريـةَ الأردان
ورأيـنا التاريخ يتلو الخفايـا = فـي سفـورٍ كـأنـه القمران
**********
فـرأيناك يـا إمامـي شموخًا = مشرقَ الوجهِ مـن وراء الزمان
تـرفع الراية الطَّمـوحَ عليها = مصحـفُ الحـق حـوله سيفان
فكتابُ السماء يسـري ضياءً = فـي حمـى قـوةٍ مـن الديّان
مـرَّ قرنٌ مـن الزمان تجلتْ = فيه ـ يا سيدي ـ جليلُ المعاني
كـلُّ أيامه انتصار عـظـيمٌ = مثلُ بـدرٍ يـوم التقى الجمعـان
وتـَربَّى عـلى يديك شبابٌ = وشيـوخٌ فـي عزمـةِ الشبـان
كلهم في النهار فرسانُ حـقٍّ = ومـع الليل مثلمـا الـرهبـانِ
فيفيض المحرابُ نورًا وتقوى = إذْ يـخـرون فـيـه للأذقـان
**********
كنتَ فـي الفيلقِ الهَصـور إمـامًا = إذ تـقـود الإخـوان كـالرّبـان
تَمْخُرُ الصَّخْـر فـي يقيـنٍ وعـزْمٍ = واعـتـدادٍ بـقــوةِ الإيـمـان
لا تهـابُ الإعصـارَ فالحق أقـوى = مـن جيـوش الطغـاة والطغيـان
من صدى الزحفِ قد صحا المشرقان = فاستجابـا وزُلزِل الـمغـربـان
وسمعنـاك كنـتَ فينـا تـنـادي = صـادقَ العـزم رائـعَ العُنفـوان
بقلـوب تفـتَّحـتْ .. مُصْغيـاتٍ = وعيـونٍ إلـيــك كُـنَّ رَوَانـي
"أيُّهـا الإخـوانُ استجيبوا تعالَـوْا = ولْيـكـنْ كـلٌّ منكُـمو قـرآنـي
ولْتعيشوا الأنفـالَ والنـورَ والإسـْ = ـراءَ والفجرَ والضحى والمثانـي
ولْتنادُوا "القـرآنُ دستورُنا الـحـقُّ = ونـورٌ سـَري بـلا نُـقـصـان
ولتعـيشـوا محـمـدًا وهـداه = فـهْـو فـينا الزعيمُ في كلِّ آن
ولتنادوا "الجهـادُ خيـرُ سبيـل ٍ= لانكسـارِ الطغيـان والكفـران"
واعلموا أن الموتَ في اللهِ أسْمَى = غـايـةٍ حـرَّةٍ، وأرقى الأماني"
**********
"سيقـول الحـاقدون أنـتم دعـاةٌ = لـدمـار السـلام والأوطـان
ويثور الحكامُ حرصًا على الحكـ = ـم ومـا يملكون مـن سلطان
فاصـبروا للعـذاب صبـرَ بلالٍ = ولتكونـوا أقـوى من الصَّوَّان
لا تـَميـدوا وإن مــادت الأرْ = ضُ، وشُـمُّ الجبـالِ والأركانِ"
**********
ثـم سالتْ دمـاكَ مـن أجل دينٍ = صُنْتَه مـن تـآمرِ الشيطـان
يـا إمـامي لـو صـحَّ فيكَ فداءٌ = لفَدَيْنا بالـروح والـولـدان
يـومهـا مصـر يُتِّمَتْ وتجلَّـتْ = شمسُها فـي الحِداد والأحزان
وحُكِمْنَا بالبغـي والظلـم والنـا = ر وقانـونِ الغابِ والغيـلان
وتـولى قيـادَهـا عصبـة مـن = عسكرٍ منْسرٍ ومـن ذُؤبـان
وبهـا استأسد الـكـلابُ وصارت = مرتعـًا هانئًا لكل جـبـان
وتــوالـتْ هــزائـمٌ ورزايـا = وضَربْنا فـي التيه كالعُميان
فعَـوالي العـروشِ ليس عليـهـا = غيـرُ لصٍّ وداعـرٍ شيطان
والسجـون السوداء للحُـرِّ سُكْنـى = والقصورُ الغنَّاء للقرصـان
والنفـاق الخسـيس خــيرُ سبيل = لقلوب السلطـان والأعـوان
ولْيعشْ شعبُنـا ضـياعًا وجـوعًا = وهـوانًا مـا بعده من هوان
فـي جحيم التزوير والبؤس يمضي = وانتهـاك الحقـوق بالإذعان
ثـم قالـوا "التوريث حـقٌّ أكيـدً = لأميـرٍ مـن خـِيرة الشبان"
فهـل الشعـب كالـعبيد ليُشْرَى = أو عقـارٍ يهـون أو حيوان؟
**********
يـا أمـيرَ القصـورِ إنـا خُلقـنا = أمـةً حـرةً عـلى الأزمان
ديـنُنـا عـزةٌ وحـقٌّ وعــزم = وإباءٌ يعلـو عـلى التيجـان
لا نُـبـالـي بمحنـة وكـروب = أو بجـوع وحُرقة الحرمان
قـد تهـون الـدماءُ لكـنْ لتبقَى = طيلةَ العمـر عـزةُ الإنسان
فهْي مـن عزة الإله، استُمـدَّتْ = والرسولِ العظيـم والقرآن
يـا إمامي الشهيد بعدك صارت = مصـرُ نهبًا لعُصبة الشيطان
وغـدا الدينُ في الكنانة عِرْضًا = مستباحًا لجاهـل عُـدواني
غيـرَ أن العـزاء أنَّا رأيـنـا = فـي عهود التسليم والخِذْلان
في شمالٍ وفي جنوبٍ، وفي شر = قٍ وغربٍ "وجودَنا الإخواني"
حيـث ذكـراك فـي كل قلب = كضيـاء معطَّرٍ رحمـانـي
أنـت إِسْـمٌ على مسمًّى جليلٍ = فهمـا فـي الجـلال يلتقيان
"حسنٌ" أنـت في الحياة عظيمٌ = إذْ عطفتَ القلـوبَ بالإحسان
وبنيتَ النفـوسَ حصنًا حصينًا = شامـخَ العـزِّ راسخَ البنيان
إن تكـن قد صنعتَ جيلاً أبيًّا = وبنيـتَ النفـوسَ بالقـرآن
فلقـد كنتَ فـي شموخِك جيلاً = أمـةً فـوق قـدرةِ النسيان
فسلامًـا وأنت في جنة الخلـ = ـدِ سعيدٌ بالروْح والريحان
حيث تحيـا حياة طُهر ونُعْمَى = وخـلودٍ في العالم النوراني